فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج ابن مردويه عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مثل الذي يعمل الحسنات على أثر السيئآت كمثل رجل عليه درع من حديد ضيقة تكاد تخنقه، فكلما عمل حسنة فك حتى يحل عقده كلها».
وأخرج الطبراني عن عبد الله بن مسعود قال: إن الصلاة من الحسنات وكفارة ما بين الأولى إلى العصر صلاة العصر، وكفارة ما بين صلاة العصر إلى المغرب صلاة المغرب، وكفارة ما بين المغرب إلى العتمة صلاة العتمة، ثم يأوي المسلم إلى فراشه لا ذنب له ما اجتنبت الكبائر، ثم قرأ: {إن الحسنات يذهبن السيئات}.
وأخرج الطبراني في الأوسط والصغير عن علي رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قام الرجل فأعاد القول، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أليس قد صليت معنا هذه الصلاة، وأحسنت لها الطهور؟ قال: بلى. قال: فإنها كفارة ذلك».
وأخرج مالك وابن حبان عن عثمان بن عفان أنه قال: لأحدثنكم حديثًا لولا آية في كتاب الله ما حدثتكموه، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من امرئ يتوضأ فيحسن الوضوء ثم يصلي الصلاة إلا غفر الله له ما بينه وبين الصلاة الأخرى حتى يصليها». قال مالك: أراه يريد هذه الآية: {أقم الصلاة طرفي النهار وزلفًا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات}.
وأخرج ابن حبان عن واثلة بن الأسقع قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني أصبت حدًا فأقمه علي. فأعرض عنه، ثم أقيمت الصلاة، فلما سلم قال: يا رسول الله إني أصبت حدًا فأقمه علي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل توضأت ثم أقبلت؟» قال: نعم. قال: وصليت معنا؟ قال: نعم. قال: «فاذهب فإن الله قد غفر لك».
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل فقال: يا رسول الله إني أصبت حدًا فأقمه علي. فلم يسأله عنه، وحضرت الصلاة فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قضى الصلاة قام إليه رجل فقال: يا رسول الله إني أصبت حدًا فأقم عليّ كتاب الله. قال: «أليس قد صليت معنا؟» قال: نعم. قال: «فإن الله قد غفر لك ذنبك».
وأخرج البزار وأبو يعلى ومحمد بن نصر وابن مردويه عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار عذب غمر على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات فماذا يبقين من درنه؟ قال: ودرنه إثمه».
وأخرج ابن أبي شيبة عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار على باب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات».
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات فما يبقى من درنه».
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبيد بن عمير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل الصلوات الخمس نهر جار على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم، فماذا يبقين من الدرن».
وأخرج أحمد وابن خزيمة ومحمد بن نصر والطبراني في الأوسط والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإِيمان بسند صحيح عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال: سمعت سعدًا وناسًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقولون: كان رجلان أخوان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أحدهما أفضل من الآخر، فتوفي الذي هو أفضلهما وعمر الآخر بعده أربعين ليلة، ثم توفي فذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فضل الأوّل على الآخر قال: «ألم يكن يصلي؟» قالوا: بلى يا رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما يدريكم ما بلغت به صلاته؟» ثم قال عند ذلك: «إنما مثل الصلوات كمثل نهر جار بباب أحدكم غمر عذب يقتحم فيه كل يوم خمس مرات، فماذا ترون يبقى من درنه؟».
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل الصلوات الخمس كمثل نهر عذب يجري عند باب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات، فماذا يبقى عليه من الدرن؟».
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي برزة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما صليت صلاة إلا وأنا أرجو أن تكون كفارة لما أمامها».
وأخرج أحمد والطبراني عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيقوم فيتوضأ فيحسن الوضوء، ويصلي فيحسن الصلاة إلا غفر له ما بينها وبين الصلاة التي كانت قبلها من ذنوبه».
وأخرج البزار والطبراني عن أبي سعيد الخدري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الصلوات الخمس كفارة ما بينها، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أرأيت لو أن رجلًا كان يعتمل وكان بين منزله ومعتمله خمسة أنهار، فإذا أتى معتمله عمل فيه ما شاء الله فأصابه الوسخ أو العرق، فكلما مر بهر اغتسل ما كان يبقى من درنه؟ فكذلك الصلاة كلما عمل خطيئة صلى صلاة فدعا واستغفر الله غفر الله له ما كان قبلها».
وأخرج البزار عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما اجتنبت الكبائر».
وأخرج الطبراني في الأوسط والصغير عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لله تعالى ملكًا ينادي عند كل صلاة يا بني آدم قوموا إلى نيرانكم التي أوقدتموها على أنفسكم فاطفئوها».
وأخرج الطبراني في الكبير عن عبد الله بن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يبعث مناد عند حضرة كل صلاة فيقول: يا بني آدم قوموا فاطفئوا عنكم ما أقدتم على أنفسكم، فيقومون فيتطهرون ويصلون فيغفر لهم ما بينهما، فإذا حضرت العصر فمثل ذلك، فإذا حضرت المغرب فمثل ذلك، فإذا حضرت العتمة فمثل ذلك، فينامون فيغفر لهم، فمدلج في خير ومدلج في شر».
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة الباهلي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الصلاة المكتوبة تكفر ما قبلها إلى الصلاة الأخرى، والجمعة تكفر ما قبلها إلى الجمعة الأخرى، وشهر رمضان يكفر ما قبله إلى شهر رمضان، والحج يكفر ما قبله إلى الحج».
وأخرج الطبراني عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة كفارات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر».
وأخرج البزار والطبراني عن سلمان الفارسي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المسلم يصلي وخطاياه مرفوعة على رأسه كلما سجد تحاتت عنه فيفرغ من صلاته وقد تحاتت عنه خطاياه».
وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن العبد إذا قام يصلي جمعت ذنوبه على رقبته، فإذا ركع تفرقت».
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي الدرداء سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من مسلم يذنب ذنبًا فيتوضأ ثم يصلي ركعتين أو أربعًا مفروضة أو غير مفروضة، ثم يستغفر الله إلا غفر الله له».
وأخرج ابن أبي شيبة عن سلمان قال: الصلوات الخمس كفارات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود موقوفًا والبزار والطبراني عنه مرفوعًا قال: «الصلوات الحقائق كفارات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر».
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي موسى قال: مثل الصلوات الخمس مثل نهر جار على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، فماذا يبقين بعد عليه من درنه؟.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الدرداء: مثل الصلوات الخمس مثل رجل على بابه نهر يغتسل منه كل يوم خمس مرات، فماذا يبقى ذلك من درنه؟.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال: تكفير كل لحاء ركعتان.
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني في الكبير عن ابن مسعود قال: يحترقون فإذا صلوا الظهر غسلت، ثم يحترقون فإذا صلوا العصر غسلت، ثم يحترقون فإذا صلوا المغرب غسلت، حتى ذكر الصلوات كلهن.
وأخرج الطبراني في الأوسط والصغير عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تحترقون، فإذا صليتم الصبح غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم الظهر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العصر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم المغرب غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العشاء غسلتها، ثم تنامون فلا يكتب حتى تستيقظوا».
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي عبيدة بن الجراح أنه قال: بادروا السيئات القديمات بالحسنات الحديثات، فلو أن أحدكم أخطأ ما بينه وبين السماء والأرض ثم عمل حسنة لعلت فوق سيئاته حتى تقهرهن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال: استعينوا على السيئات القديمات بالحسنات الحديثات، وإنكم لن تجدوا شيئًا اذهب لسيئة قديمة من حسنة حديثة، وتصديق ذلك في كتب الله تعالى: {إن الحسنات يذهبن السيئات}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله: {ذلك ذكرى للذاكرين} قال: هم الذين يذكرون الله في السراء والضراء، والشدة والرخاء، والعافية والبلاء.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: لما نزع الذي قبل المرأة تذكر، فذلك قوله: {ذلك ذكرى للذاكرين}. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ}
قوله تعالى: {طَرَفَيِ النهار}: ظرفٌ ل {أَقِمْ}. ويضعف أن يكون ظرفًا للصلاة، كأنه قيل: أي: أقم الصلاة الواقعة في هذين الوقتين، والطَرَف وإن لم يكن ظرفًا، ولكنه لمَّا أضيف إلى الظرف أُعْرب بإعرابه، وهو كقولك: أتيته أولَ النهار وآخرَه ونصفَ الليل بنصبِ هذه كلِّها على الظرفِ لمَّا أضيفَتْ إليه، وإن كانت ليسَتْ موضوعةً للظرفية.
وقرأ العامة: {زُلَفًا} بضم الزاي وفتح اللام، وهي جمعُ زُلْفة بسكون اللام، نحو: غُرَف في جمع غُرْفة، وظُلَم في جمعِ ظُلْمة. وقرأ أبو جعفر وابن أبي إسحاق بضمها، وفي هذه القراءةِ ثلاثةُ أوجه، أحدها: أنه جمع زُلْفة أيضًا، والضمُّ للإِتباع، كما قالوا بُسْرة وبُسُر بضم السين إتباعًا لضمة الباء. والثاني: أنه اسمٌ مفرد على هذه الزِّنة كعُنُق ونحوه: الثالث: أنه جمع زَلِيف، قال أبو البقاء: وقد نُطِق به، يعني أنهم قالوا: زَليف، وفَعيل يُجمع على فُعُل نحو: رَغِيف ورُغُف، وقَضِيب وقُضُب.
وقرأ مجاهد وابن محيصن بإسكان اللام. وفيها وجهان، أحدهما: أنه يُحتمل أَنْ تكونَ هذه القراءةُ مخففةً مِنْ ضم العين فيكون فيها ما تقدَّم. والثاني: أنه سكونُ أصلٍ من باب اسمِ الجنس نحو: بُسْرة وبُسْر مِنْ غير إتباع.
وقرأ مجاهد وابن محيصن أيضًا في روايةٍ {وزُلْفَى} بزنة حُبْلَى، جَعَلُوها على صفةِ الواحدة المؤنثة اعتبارًا بالمعنى، لأنَّ المعنى على المنزلة الزلفى، أو الساعة الزلفى، أي: القريبة. وقد قيل: إنه يجوز أن يكونَ أَبْدلا التنوين ألفًا ثم أَجْرَيا الوصل مجرى الوقف، فإنهما يقرآن بسكون اللام وهو محتمَلٌ. وقال الزمخشري: والزُّلْفى بمعنى الزُّلْفَة، كما أن القُرْبى بمعنى القُرْبة، يعني أنه مما تَعَاقَبَ فيه تاءُ التأنيث وألفه.
وفي انتصاب {زُلَفًا} وجهان، أظهرهما: أنه نسقٌ على {طرفي} فينتصب الظرف، إذ المرادُ بها ساعات الليل القريبة. والثاني: أن ينتصبَ انتصابَ المفعول به نسقًا على الصلاة. قال الزمخشري: بعد أن ذكر القراءاتِ المتقدمة وهو ما يقرب مِنْ آخر النهار ومن الليل، وقيل: زُلَفًا من الليل وقُرْبًا من الليل، وحَقُّها على هذا التفسير أن تعطف على الصلاة، أي: أقم الصلاة طرفي النهار، وأقم زُلَفًا من الليل، على معنى: صلوات تتقرَّب بها إلى اللَّه عز وجل في بعض الليل.
والزُّلْفَةُ: أولُ ساعات الليل، قاله ثعلب. وقال الأخفش وابن قتيبة: الزُّلَف: ساعاتُ الليل وآناؤه، وكل ساعةٍ منه زُلْفَة فلم يُخَصِّصاه بأول الليل. وقال العجَّاج:
ناجٍ طواه الأَْيْنُ مِمَّا وَجَفا ** طَيَّ الليالي زُلَفًا فَزُلَفا

سَماوَةَ الهلالِ حتى احْقَوْقَفا

وأصلُ الكلمة مِنْ الزُّلْفَى وهو القُرْب، يقال: أَزْلَفه فازْدَلَفَ، أي: قَرَّبه فاقتربَ. قال تعالى: {وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخرين} [الشعراء: 64] وفي الحديث: «ازْدَلِفوا إلى اللَّه بركعتين» وقال الراغب: والزُّلْفَةُ: المَنْزِلَةُ والحُظْوَة، وقد اسْتُعْمِلت الزُّلْفَة في معنى العذاب كاستعمال البِشارة ونحوها، والمزالِفُ، المَراقي، وسُمِّيَتْ ليلةَ المزدلفة لقُرْبهم مِنْ مِنى بعد الإِفاضة.
وقوله: {مِّنَ الليل} صفةٌ ل {زُلَفًا}. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري في الآية:

قال عليه الرحمة:
{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114)} أي اسْتَغْرِقْ جميعَ الأوقاتِ بالعبادات، فإنَّ إخلالَكِ لحظةً من الزمان بِفَرَضٍ تؤديه، أو نَفْلِ تأتيه حَسْرَةٌ عظيمةٌ وخُسرَانٌ مبينٌ.
قوله: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ الْسَّيِئَاتِ} الحسنات ما يجود بها الحق، والسيئات ما يذنبها العبد، فإذا دخلت حسناتُه على قبائح العبد مَحَتْها وأَبْطَلَتْها.
ويقال حسناتُ القُربة تَذْهَبُ بسيئات الزَّلَّة.
ويقال حسناتُ الندم تَذْهَبُ بسيئات الجُرْم.
ويقال (انسكاب) العَبْرَةَ تُذْهِبَ سيئاتِ العَثْرَة.
ويقال حسنات الاستغفار تُذْهِبُ سيئات العصيان.
ويقال حسنات الاستغفار تُذْهِبُ سئيات الإصرار.
ويقال حسناتُ العناية تذهب سيئات الجناية.
ويقال حسنات العفو عن الإخوان تذْهِبُ الحقدَ عليهم.
ويقال حسنات الكَرَمَ تُذْهِب سيئات الخَدَم.
ويقال حسنُ الظنِّ يُذْهَبُ سوأتهم بكم.
ويقال حسنات الفضل من الله تُذْهِبُ سيئاتِ حسبان الطاعة من أنفسكم.
ويقال حسناتُ الصدق تَذْهَبُ بسيئات الإعجاب.
ويقال حسناتُ الإخلاص تَذْهَبُ بسيئات الرياء.
{وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (115)}
الصبر تجرُّع كاساتِ التقدير من غر تعبيس.
ويقال الصبرُ حَسْنُ الإقبال على معانقة الأمر ومفارقة الزجر.
{فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} المحسنُ: العاملُ الذي يعلم أَنَّ الأجرَ على الصبر والطاعة بفضله- سبحانه- لا باستحقاق عملٍ. اهـ.

.قال السبكي:

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ رَحِمَهُ اللَّهُ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ جَمْعَ الْمُؤَنَّثِ السَّالِمِ لِلْقِلَّةِ مِنْ جِهَةِ الضَّمِيرِ فِي {يُذْهِبْنَ} وَلَوْ كَانَ لِلْكَثْرَةِ لَقَالَ يُذْهِبُنَّ لِأَنَّ فَعَلْنَ لِلْقِلَّةِ وَفَعَلَتْ لِلْكَثْرَةِ وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُعَرَّفًا أَوْ مُنَكَّرًا خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ إذَا تَعَرَّفَ بِالْأَلْفِ وَاللَّامِ يَصِيرُ لِلْكَثْرَةِ نَعَمْ يَصِيرُ لِلْعُمُومِ.
وَفَرْقٌ بَيْنَ الْعُمُومِ وَالْكَثْرَةِ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْكَثْرَةِ لَاخْتَصَّ بِهِ مَا زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ وَلَمْ يُدْخِلْ مَا دُونَهَا فِيهِ.
وَالْعُمُومُ يَقْتَضِي شُمُولَ كُلِّ رُتْبَةٍ مِنْ مَرَاتِبِ جَمْعِ الْقِلَّةِ فَيَحْصُلُ عُمُومُ جَمِيعِ الَّتِي فِي جَمْعِ الْكَثْرَةِ مِنْ ذَلِكَ، فَمَتَى فَعَلَ حَسَنَاتٍ وَسَيِّئَاتٍ أَذْهَبَتْ الْحَسَنَاتُ السَّيِّئَاتِ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَمَّا عِنْدَ الْقِلَّةِ فِيهِمَا فَمَجْمُوعُ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ مَجْمُوعَ السَّيِّئَاتِ وَأَمَّا عِنْدَ الْكَثْرَةِ فِيهِمَا فَمَنْطُوقُ الْكَلَامِ يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ مَرْتَبَةٍ مِنْ مَرَاتِبِ جَمْعِ الْقِلَّةِ فِي الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ كُلَّ مَرْتَبَةٍ مِنْ مَرَاتِبِ جَمْعِ الْقِلَّةِ فِي السَّيِّئَاتِ.
وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ إذْهَابُ مَجْمُوعِ الْمَرَاتِبِ الْبَالِغَةِ حَدَّ الْكَثْرَةِ مِنْ الْحَسَنَاتِ بِمَجْمُوعِ الْمَرَاتِبِ الْبَالِغَةِ حَدَّ الْكَثْرَةِ مِنْ السَّيِّئَاتِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.